بعد مرور كلّ هذه السنين ، أقبلت هذه الأيام التِي تعصف رياحُها بقلبي، رياح غريبة، رياح تحمل في طياتها غيمًا يمطرُ اليأس … يخترق ساحاتي منتهزًا ضعف القِدَم!
لقد امتلأ الطّريق بالمخاوف و حفّه الشوك من كل جانب و بعد أن واصلت المسير و قطعت ماقطعت أثق بأنّني الآن أستطيع أن أواجهها ، أن أبقى ثابتًا بعزيمتِي التي جمعتهَا شيئًا فشيئًا خلال هذهِ الرحلة الطويلَة .
بين عتمات الأزقة كان صخَب المدينة يكبّل صرخاتِي ، كلمَا أردت أن أطلقها يعتريني الخوف و قد يمنعنِي ؛
لكن الآن ماعدت “ذاك الهارب” آن لصوتي أن يطلق عنانه و أن يتحرر من هذه القيود”.
حتى لَو لم يبقَ سوى بصيص الأمل الضئيل في فؤادي فمادام ينبض سأكون قادرًا على إيجاد الجواب الوحيد لتساؤل الشتَات، متشبّثًا بكل ماهو ثمينٌ لدي وماضٍ في سبيل الحيَاة ، سأحكِم الإمساك بهذا الضوء و أمد يدِي لما يخفيهِ الظلام.
حقيقةٌ لا اختلاف في ألمها ، أن الماضي مهمَا كان معتمًا لا يمكن لأحدٍ تغييره ؛ لذا نحدق في المجهول القادم بنظرةٍ تجلي لنا مستقبلًا بهيّاً!
لطالما جالست قارعة الطريق حتى صاحبته، كشريط ذكريات يسرد ما كان بالأمس … كوكبة الغيوم ، و بُعد السماء مشاهدٌ ما كانت لتفارق مقلتي و مع كل شريط ما كنتُ لأفارق تلك المشاعر و ما كانت لتفارقني، أدركت حينها أن الوقتَ مهما انقضى ، فلدينا ذلك المكنون الذي لن يتغير ،سنظلّ نسعَى لأجل الغد الخفِي ، لا نعلم ما الذي قد يخبأه لَنا ولكننا نعلم أنه يحمل مانصبوا إليه !
مهما كان مؤلمًا ما عايشته فهذه الدمّوع التي تذرفهَا دليلٌ على أنّك حي ، و أنّ الحلمَ الذي كاد أن يتلاشَى في عينيك سيبزغ فجره يومًا .لذا أَحكِم الإمساك بهذا الضوء ، واصنَع طريقَك الذي لن يمضيَ فيه أحد !
أؤمن بأن كلّ واحد منّا له مسارٌ لا منتهِي ، مساره الممتد إلى البعيد … لكننّا حتمًا سنلتقي في يومٍ ما، و حينها ستعلو وجوهنَا الابتسامة بدلًا من الأنين ، سنؤمنُ بأنّا قد فعلنَاها و تجاوزنَا كل هذه الصّعاب.
حتى لَو لم يبقَ سوى بصيص الأمل الضئيل في أفئدتنَا فطالمَا تنبض فسنكون قادرين على إيجاد الجواب الوحيد لهذَا الشتات ! متشبّثينَ بكل ماهو ثمينٌ لدينا وماضينَ في سبيل الحيَاة .
سنحكم الإمساك بهذا الضوء ، كلّما اشتدت ريَاح هذه الأيام ازددنَا ثباتًا .

شارك الخبر